الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الدبلوماسي أحمد ونيّس يقدّم قراءته بشأن مذكّرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي ويتحدّث عن "المكاسب والتضحيات"

نشر في  17 جويلية 2023  (15:19)

وقّعت تونس يوم الأحد 16 جويلية 2023 مذكرة تفاهم حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الاوروبي بإشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة مجلس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والوزير الأول الهولندي مارك روته.

ومن بين ما تهدف إليه هذه المذكّرة الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية خاصة بعد أن أضحت بلادنا بمثابة نقطة عبور يستخدمها المهاجرون من أجل الوصول إلى الأراضي الأوروبية عبر البحر المتوسط.

كما شملت مذكّرة الشراكة الاستراتيجية عدّة مجالات أو ركائز أخرى من بينها التنمية الاقتصادية والطاقة المتجددة والاستثمار والتجارة وتوفير فرص للشباب...

في هذا السياق كان لـالجمهورية اتصال بالدبلوماسي والسفير الأسبق أحمد ونيّس الذي أكّد في بداية مداخلته أنّ هذه المذكّرة هي بمثابة الخطوة الهامة والفارقة بالنسبة لتونس والشراكة التي تربطها بأوروبا، مشيرا الى أنه وبفضل هذه الإتفاقية سوف تضع بلادنا سياسة خاصة وخارطة طريق واضحة العالم خاصة في ما يتعلق بملفّ الهجرة والمهاجرين غير النظاميين هذا الملف الذي يؤرقها..

ونوّه محدثنا أنّه واعتمادا على الاتفاقية التي أُبرمت البارحة بين تونس والاتحاد الاوروبي ستكسب بلادنا سياسة خاصة بقضية المهاجرين وستدبّر خطة نظرية ملمّة بكل المحطات والأبعاد، كما ستستفيد بقاعدة مؤسساتية تكون مدعومة بموظفين مختصين وآليات عمل فعّالة وبقدرات كبرى للتدخل لصالح المهاجرين فإمّا للاحاطة بهم ولإعداد مستقبل يحترم حرياتهم ومستقبلهم أو إن وجب ترحيلهم الى اوطانهم او توجيههم إلى بلد يقبل ترشيح ذهابهم نحوه...

ويضيف الدبلوماسي أحمد ونيس "في اعتقادي ان تونس ستثبّت خطوة هامة في هذا الاتجاه، معتبرا أنّ أوروبا لن تتوقف عند هذه الخطوة في تونس بل ستتجّه نحو تعميم نفس السياسة مع المملكة المغربية ومع مصر بحيث ستكون سياسة إقليمية عريضة تربط بين الشمال وجنوب البحر المتوسط كما ستربط بين القارة الافريقية والقارة الاوروبية...  وهي سياسة ستتركّز على سنوات مقبلة لأن ظاهرة الهجرة لن تنتهي بعد سنة او سنتين بل إنّ هذه القضية سوف تدوم لعشرات السنوات..."

ويجدّد محدّثنا  التأكيد على اهميّة هذه المذكّرة ويعتبر أنها اتفاقية هامة للغاية وليست مجرّد نوايا ووعود كما ذهب إلى تحليله بعض المتابعين لذات الشأن، وهي اتفاقية كاملة وواسعة وليست محصورة في قضية الهجرة وحدها بل تتسع لتشمل أو تعتمد أساسا على خمس ركائز من بينها التنمية الإقتصادية والاستثمار والتجارة وكذلك مجال الطاقات المتجددة وتوفير فرص للشباب وهي ركائز تستجيب الى الأزمة التي تعيشها بلادنا على جميع الأصعدة والتي بان بالكاشف أنها لم تتمكن بمفردها من مجابهتها والتغلّب عليها.

وحول أزمة المهاجرين الأفارقة غير النظاميين ببلادنا التي أضحت تُثير توتّرا واسعا في تونس منذ فترة، اعتبر محدثنا أنّه وبفضل القدرات الكبرى التي ستكسبها تونس بفضل هذه الاتفاقية سوف تتمكّن من معالجة هذه القضية بإمكانيات أقوى وأنجع ومخصّصة ومسخّرة لها ذلك أنها كانت تفتقر إلى الامكانيات المادية الكفيلة بعلاج قضية الهجرة بوسائل فعّالة ترقى بالمبادئ التي نؤمن بها في بلدنا ألا وهي احترام كرامة المهاجر الفقير الذي اضطر الى مغادرة وطنه نحو مستقبل مجهول وضبابي ولا يعلم فيه مآل مصيره.

وحول التخوّفات من دفع تونس لضريبة مقابل توقيع هذه المذكّرة، شدّد السفير الأسبق أحمد ونيّس أنّ الحديث عن ضريبة تدفعها بلادنا لن يكون له أيّ أهميّة مقابل ما كانت عاجزة عن فعله خاصة في ما يتعلّق بملف الهجرة غير النظامية وما كان يثيره ذلك من أرق وخوف في صفوف التونسيين فضلا عن عدد آخر من الإيجابيات التي ستعكسها هذه المذكّرة مشيرا إلى أنّ التضحيات سوف تكون مدفوعة لا فقط من قبل تونس بل كذلك من قبل الاتحاد الأوروبي لكن المكاسب ستكون أهمّ..

ويضيف" إنّ المهم هو عدم التوقف على ردة الفعل وعلى امكانيات مقاومة ظاهرة الهجرة بل يجب أن نكون بنّائين ونتخذ احتياطات ضرورية يتم فيها احترام مبادئنا والغايات السامية لمصالح تونس ومصالح المهاجرين كذلك".

تجدر الإشارة إلى أنّ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أكدت خلال نقطة إعلامية، الأحد 16 جويلية 2023، أنّ المذكرة المذكورة تعتمد أساسا على خمس ركائز.

وتتعلّق الركيزة الأولى بالاتّصال بين البشر، حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية في هذا الإطار أنّه سيتمّ توفير فرص للشباب بشكل خاصّ وسيقع فتح نافذة تونسية في برنامج ايرومس + بـ 10 ملايين أورو لدفع المبادلات، كما سيتمّ الانطلاق في الشراكة لإعطاء شباب تونس فرصا للدراسة والعمل أو للتدرب في الاتّحاد الأوروبي لاكتساب خبرة تكون هامة للاقتصاد التونسي عند عودتهم إلى بلدهم.

وأضافت أنّه سيتم العمل المشترك على تعصير المدارس من خلال دعم 80 مدرسة بما يؤهلها للانتقال الرقمي والأخضر، وذلك بتمويلات تبلغ 6.5 مليون أورو.

أمّا الركيزة الثانية، فهي التنمية الاقتصادية، حيث سيتمّ العمل من أجل بناء اقتصاد تونسي متين يصمد أمام الصدمات ويخلق التنمية. 

وتتمثّل الركيزة الثالثة في الاستثمار والتجارة، وبما أنّ الاتّحاد الأوروبي أكبر شريك في الاستثمار لتونس سيتمّ العمل المشترك على تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات.

واستعرضت عددا من المشاريع على غرار الكابل البحري "ميدوزا" الذي سيربط تونس بالاتحاد الأوروبي وسيربط 11 بلدا حول المتوسط مع حلول سنة 2025، وللغرض سيتمّ رصد 350 مليون أورو.

وحول الركيزة الرابعة المتعلّقة بمجال الطاقات المتجدّدة، أشارت رئيسة المفوضية إلى أنّ تونس لها إمكانات هائلة في الطاقات المتجددة وسيتمّ العمل على تطوير هذا القطاع عبر تزويد التكنولوجيا الضرورية، مشيرة إلى أنّ أوروبا بحاجة إلى التزود بالطاقة النظيفة وبصدد تخليص اقتصادها من الكربون وتنظيف مواردها على غرار الهيدروجين الأخضر والكهرباء المولد من الطاقات المتجدّدة.

وبالنسبة إلى الركيزة الخامسة، والتي تتمحور حول ظاهرة الهجرة، شدّدت رئيسة المفوضية الأوروبية على الحاجة إلى تعاون فعلي أكثر ممّا كان.

وأكّدت المتحدّثة على أهمية ضرب الشبكات الإجرامية والمهرّبين الذين يستغلون بؤس الناس، مضيفة أنّه سيتمّ العمل على تعميق الشراكة وترفيع التعاون على مستوى البحر والنجدة، إضافة إلى ذلك سيتمّ في إطار إدارة الحدود ومجابهة تهريب المواطنين العمل على إنفاذ القانون، وتخصيص 100 مليون أورو من تمويلات الاتّحاد الأوروبي. وكشفت أنّه سيتمّ العمل على تيسير الهجرة القانونية.

 منارة تليجاني